تعد استراتيجيات الإدماج الفعالة، بما في ذلك الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للمهاجرين،  ضرورية لكي تعود عملية الهجرة بالمنفعة على المهاجرين والمجتمعات المضيفة. لذلك، تنظر المنظمة الدولية للهجرة إلى مسألة الإدماج بوصفها مسألة ذات اتجاهين تتطلب أخذ زمام المبادرة وحسن النية من قبل كل من المهاجرين ومضيفيهم. وهذا يتطلب تبني نهجاً ومجتمعياً حكومياً شاملاً. ويعد التماسك والإدماج الاجتماعي  جوانب الغة الأهمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تتسم بحركات هجرة ونزوح داخلي كبيرة.

كما تحرص المنظمة الدولية للهجرة على دعم الحكومات الوطنية والسلطات المحلية لتمكينها من تصميم برامج تلبي الحاجة إلى إدماج المهاجرين وتزويدهم بالخدمات المناسبة. وفي هذا الصدد، ولغايات إتاحة الدعم والمساعدة الفنية للمستفيدين وأصحاب المصلحة عبر تنظيم الدورات والورش التدريبية وتوفير الخدمات الاستشارية وغيرها من المبادرات الهادفة إلى بناء القدرات، بالاعتماد على مجموعة من نماذج الإدماج وأفضل الممارسات المكتسبة في العمل الميداني.

وعلى المستوى العالمي، صممت المنظمة الدولية للهجرة نهجاً تكاملياً لتحقيق هذه الأهداف من خلال المبادرة العالمية المشتركة بشأن التنوع والشمول والتماسك الاجتماعي، لتعزيز قدرة المنظمة وبرامجها لدعم الدول الأعضاء والشركاء في مجالات إدماج المهاجرين وإشراكهم وتعزيز التماسك الاجتماعي. تعمل المبادرة العالمية المشتركة بشأن التنوع والشمول والتماسك الاجتماعي كمنصة لتبادل وتعلم وتطوير وتنفيذ الاستراتيجيات والتدخلات المبتكرة التي تقوم على الأصول والموارد القائمة لكل من المهاجرين والمجتمعات، وتساهم في دعم الجهود المبذولة للتصدي لكراهية الأجانب والوصم بالعار لتعزيز التماسك الاجتماعي في الاستجابة والتعافي من جائحة كورونا. كما تقدم المبادرة العالمية المشتركة بشأن التنوع والشمول والتماسك الاجتماعي مذكرة إرشادية لتزويد مديري ومصممي المشاريع، بالإضافة إلى منظمي وميسري الفعاليات، بالإرشادات لتعزيز إدماج المهاجرين وتحسين التماسك الاجتماعي من خلال الأنشطة الرامية إلى تعزيز التواصل الاجتماعي "قوة الاتصال: تصميم أنشطة التواصل الاجتماعي وتسهيلها وتقييمها من أجل تعزيز إدماج المهاجرين والتماسك الاجتماعي بينهم وبين المجتمعات المحلية".

في إطار المبادرة العالمية المشتركة بشأن التنوع والشمول والتماسك الاجتماعي، تهدف المنظمة الدولية للهجرة إلى:
•    إيجاد فهم مشترك وتبني نهجي مجتمعي شامل لإدماج المهاجرين وتعزيز التماسك الاجتماعي.
•    تطوير مهارات وقدرات مختلف أصحاب المصلحة لتسهيل الإدماج والتماسك الاجتماعي.
•    تبني خطاب موحد ومدعوم بالحقائق حول مساهمات كل من المهاجرين والمجتمعات المضيفة.

تعمل المنظمة الدولية للهجرة بنشاط على تعزيز أواصر التماسك الاجتماعي والإدماج في بلدان مثل المغرب وتونس، من خلال مشروع "تعزيز معرفة بيانات الهجرة وعدم التمييز في شمال إفريقيا" (M-LEARN)  الذي يهدف إلى تضمين الإرشادات بشأن بيانات الهجرة في أنظمة التعليم العالي للمساهمة في تبني خطاب واعٍ حول الهجرة، وطرح أول منهاج دراسي من نوعه حول بيانات/ إحصاءات الهجرة ليتم تدريسه في المؤسسات والجامعات المتخصصة.

في إطار البرنامج الإقليمي للتنمية والحماية لشمال إفريقيا الذي يهدف إلى "تعزيز التماسك الاجتماعي بين المهاجرين والسكان المحليين"، نظم مكتب المنظمة الدولية للهجرة في الجزائر العاصمة، بالتعاون مع كاريتاس الجزائر، فعاليات ترفيهية ليوم كامل استهدفت أطفالاً مهاجرين في رعية القديس فرنسيس الأسيزي في برج الكيفان في الجزائر ".

أما في المغرب، فقد واصلت المنظمة الدولية للهجرة جهودها للتصدي لظاهرة الاستغلال في العمل والتمييز في التوظيف من خلال تنفيذ مشروع "مبادرة التوظيف الأخلاقي في المغرب" (IREM) ، الذي ينصب تركيزه على جمع البيانات وأنشطة بناء القدرات لأصحاب المصلحة الرئيسيين لتبني ممارسات توظيف جيدة ومعاملة العمال المهاجرين باحترام.

ومثّلَ مشروع مبادرة التوظيف الأخلاقي في المغرب حلقة في سلسلة أخرى من المشاريع التي تقودها المنظمة الدولية للهجرة في المغرب، مثل المشروع الوطني "إشراك القطاع الخاص من أجل الحد من عدم المساواة بين المهاجرين وبين المجتمعات المضيفة في المغرب" والمشروع الإقليمي "تعزيز القدرات الوطنية في تطبيق المعايير الدولية لتحسين إدارة هجرة اليد العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ".

وبالتالي، تغطي برامج المنظمة الدولية للهجرة المعنية بموضوع الإدماج أهم المراحل في رحلة الهجرة، إذ إنها مصممة بطريقة تربط ما بين الأنشطة المنفذة قبل الشروع برحلة الهجرة وتلك التي تتبعها عند الوصول إلى بلد المقصد. كما إن هذه البرامج تنطوي على تدخلات تهدف إلى إدماج المهاجرين وتعزيز التماسك الاجتماعي، لضمان أقصى قدر من الفعالية والاستفادة لمختلف الفئات. وإدراكًا منها لأهمية التماسك الاجتماعي في التصدي لأي توترات قد تنشأ بين المجتمعات المضيفة وبين المهاجرين، تعمل المنظمة الدولية للهجرة جنباً إلى جنب مع وسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية من أجل نشر صورة إيجابية وقائمة على الحقائق حول مسألة الهجرة والمهاجرين.

في عام 2018 أطلقت المنظمة الدولية للهجرة في مصر ووكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة حملة لقيت انتشاراً كبيراً لتعزيز أواصر التماسك المجتمعي بين المهاجرين وبين المجتمعات المصرية التي تستضيفهم. وبهدف التشجيع على تبني مبادرات مبتكرة لتعزيز قيم التنوع والتعايش والتماسك المجتمعي، أصبحت الحملة أهم الحملات التي أطلقتها المنظمة الدولية للهجرة في أي بلد، وكانت الأكثر مشاركة وانتشاراً.

كما تدرك المنظمة الدولية للهجرة أن التدريب المبكر وتوفير المعلومات أمر أساسي لتمكين المهاجرين وتمهيد الطريق لإدماجهم في المجتمعات المضيفة بنجاح. ويشمل تدريب المهاجرين مجموعة واسعة من الأنشطة المصممة لتسهيل الادماج الناجح للمهاجرين، سواء كانوا دائمين أو مؤقتين، في مجتمعهم الجديد. وغالبًا ما يتم تدريب المهاجرين في بلد المنشأ وفي أقرب وقت ممكن من تاريخ مغادرة المهاجر، إذ يوفر هذا النوع من التدريب معلومات مهمة حول بلد المقصد ويحدد بوضوح المهارات التي ينبغي أن يتسلح بها المهاجرون إذا ما أرادوا النجاح في رحلتهم، سواء في مكان العمل أو في مجتمعاتهم الجديدة.

تستهدف البرامج المصممة لتعزيز الإدماج الاجتماعي المهاجرين بمختلف أطيافهم، بمن فيهم الشباب والقاصرون غير المصحوبين بذويهم وطالبو اللجوء واللاجئون المعاد توطينهم.

وتسعى المنظمة الدولية للهجرة من خلال مشروع مبتكر يسمى (البرنامج الشامل المعلومات والتوجيه)  إلى تعزيز إدماج المهاجرين في سوق العمل وحماية العمال المهاجرين من خلال توفير الدعم الفني وتطوير الأدوات والآليات المطلوبة لتنفيذ نظام إدارة لخدمات التوجيه المصممة والمنسقة التي تلبي احتياجات العمال المهاجرين. ويساهم هذا البرنامج بشكل مباشر في هدف الميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية رقم 16: "تمكين المهاجرين والمجتمعات من تحقيق الإدماج الكامل والتماسك الاجتماعي"، وهو مثال رئيسي على مساهمة  المنهجيات المبتكرة في تعزيز الشراكات بين مختلف أصحاب المصلحة حول قضايا سياسية محددة.

وعلاوة على ذلك، تعمل المنظمة الدولية للهجرة بشكل وثيق مع قادة المهاجرين، بما في ذلك مع رجال الدين، من خلال التدريب بين الأديان والهادف إلى تمكين قادة المجتمع في تأدية دورهم في عملية الإدماج، والمساهمة في النهج الشامل الذي تتبناه المنظمة الدولية للهجرة الشامل.