قصص
بقلم :
  • جوليا بروسكي | مسؤولة الإعلام والاتصالات في المنظمة الدولية للهجرة

في شوارع إدلب التي يكسوها التراب في شمال غرب سوريا، يعود عايش يوسف إلى منزله حاملًا كيسين ثقيلين من الدقيق، وعلى الرغم من الصعوبات التي يواجهها في ظل 13 عاماً من الحرب، لا يزال بوسعك رؤية الأمل في عينيه. هذه الأكياس هي أول ما اشتراه بعد حصوله على المساعدات النقدية متعددة الأغراض في أيار/ مايو الذي وٌزع فيه الجولة السادسة منذ كانون الثاني/ يناير من هذا العام.

منذ الساعات الأولى من الصباح، أصبح المسجد المحلي مركزًا للنشاط، حيث يتجمع أفراد الأسرة من جميع أنحاء المخيم لتلقي مساعداتهم النقدية. غالبًا ما يتجمع أفراد المجتمع المحلي هنا لطلب المساعدة ودعم بعضهم البعض تضامنًا.

وبوثيقة هوية في يد وورقة أهلية في اليد الأخرى، ينتظر أفراد المجتمع المحلي – والعديد منهم نزحوا عدة مرات بسبب الحرب – دورهم بفارغ الصبر. وسيتم قريبًا ختم كل ورقة مقابل 100 دولار أمريكي، وهو ما يمثل شريان حياة بالغ الأهمية للعائلات لشراء السلع الأساسية.

يقول عايش يوسف: "تساعد هذه المساعدة في تغطية بعض احتياجاتنا الأساسية، مثل الخبز والمواد الغذائية الأساسية الأخرى، وتقدم لنا دعمًا محوريًا خلال هذا الوقت العصيب، مما يمكننا من البقاء على قيد الحياة - خاصة أننا نعيش في الخيام."

عائش يوسف يقوم بشراء المواد الغذائية لعائلته بسبب الجولة الأخيرة من المساعدات النقدية. المنظمة الدولية للهجرة 2024 / سامر أسعيد

بالنسبة للعائلات النازحة داخليًا في شمال غرب سوريا، فإن المساعدات النقدية متعددة الأغراض تمكنهم من الصمود وتمدهم بحرية الاختيار لشراء أكثر ما يحتاجون إليه. ويهدف هذا الاستقلال بالذات، الذي يعد محوريًا في التدخلات القائمة على النقد للمنظمة الدولية للهجرة، إلى تعزيز إحساس الناس بالكرامة والتحكم في مجريات حياتهم والشعور بالحياة الطبيعية، التي دمرها انعدام الاستقرار منذ فترة طويلة.

"يعد هذا البرنامج جزءًا من النهج الشامل الذي تتبعه المنظمة الدولية للهجرة للعمل على تعافي السكان النازحين في شمال غرب سوريا." يقول على البري، مسؤول مشاريع النقد في المنظمة الدولية للهجرة، ويكمل "منذ بداية عام 2024، وبدعم من الاتحاد الأوروبي، تمكنا من تزويد 1,345 أسرة بالمساعدات النقدية. إن التعاون مع المنظمات الإنسانية على أرض الواقع أمر بالغ الأهمية أيضًا، لأنه يسمح لنا باكتساب معرفة متعمقة بالاحتياجات المحددة والوصول إلى المجتمعات النائية والهشة."

ومع ذلك، في ظل واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم، لا تزال الاحتياجات الإنسانية قائمة. عايش يوسف وابنه علاء يفكران في تحديات إعالة أسرتهما. وعلى الرغم من أن المساعدة النقدية ساعدتهم على تدبير أمورهما، إلا أنهما يأملان أن تتوفر المزيد من فرص العمل قريبًا.

            يقول علاء: "قبل نزوحنا، كنت أعمل مدرسًا. والآن أنا عاطل عن العمل. لقد حاولت التقديم على العديد من الوظائف هنا، ولكن بسبب إعاقتي، أجد صعوبة في أخذي بعين الاعتبار في عملية الاختيار".

أحد موظفي هيئة الإغاثة الدولية يقدم إحاطة حول حقوق المستفيدين قبل توزيع الأموال النقدية. المنظمة الدولية للهجرة 2024 / سامر أسعد

وعلى بعد بضعة كيلومترات، تنتظر فاطمة بفارغ الصبر وصول عمال الإغاثة. وعملًا بمبدأ عدم ترك أي شخص خلف الركب، تتم عمليات التوزيع النقدي بصفة استثنائية مباشرة في منزل الشخص عندما تحد عوامل كالعمر أو الإعاقة أو غيره من القدرة على الحركة.

ورغم تقدمها في السن، يبدو أنها لا تجد عدم ارتياح في التعامل مع التكنولوجيا، حيث تجلس مستعدة لوضع توقيعها على شاشة جهاز التحقق.

ويقول ابنها هيثم: "نحن نستخدم الأموال لتلبية احتياجاتنا الأساسية، مثل شراء الأرز والبرغل، عندما اعتدنا على استلام القسائم [النقدية]، لم يكن لدينا خيار الذهاب إلى أي مكان نريد شراء [الأشياء] منه، لأن القسائم لا يمكن استخدامها إلا في أماكن محددة. ولكن مع النقد، لدينا مرونة أكبر بكثير."

تتيح المساعدة النقدية للأشخاص تلبية احتياجاتهم الفريدة بكرامة ومن خلال التغلب على القيود المرتبطة غالبًا بنظام القسائم.

تتلقى فاطمة مساعدة نقدية في المنزل بسبب إعاقتها الحركية. المنظمة الدولية للهجرة 2024 / سامر أسعيد

بينما يلعب أطفاله في الغرفة المحيطة به، يحلم هيثم بالعودة ذات يوم إلى القرية التي هربوا منها. هدفه – إعادة بناء مستقبل أفضل لعائلته وبلده.

"نأمل أن يفرج الله عنا حتى نتمكن من العودة إلى أرض أجدادنا. سنتمكن فيه من الاستثمار بشكل أفضل من البقاء هنا في المخيم بين الصخور والعدم،" ويتبع "هذا هو أملنا الوحيد."

 

في عام 2024، أصبحت المساعدة النقدية متعددة الأغراض التي تقدمها المنظمة الدولية للهجرة في شمال غرب سوريا ممكنة بفضل الدعم المالي المقدم من الاتحاد الأوروبي ومكتب المساعدات الإنسانية التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. وعلى الرغم من أن 4.2 مليون شخص ما زالوا بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، وصل تمويل البرنامج عبر الحدود وصل إلى أدنى مستوياته على الإطلاق. لم يتم تمويل خطة المنظمة الدولية للهجرة للاستجابة للأزمات لعام 2024 في الجمهورية العربية السورية إلا بنسبة 13 في المائة.

بقلم جوليا بروسكي، مسؤولة الإعلام والاتصالات في المنظمة الدولية للهجرة