في أوائل التسعينيات، وجد هاشم، وهو مواطن سوداني، نفسه وسط الفوضى في البوسنة التي مزقتها الحرب، حيث كرس جهوده لمساعدة السكان المتضررين. لم يكن يتخيل أبدًا أنه بعد عدة عقود سيقع في سيناريو مماثل.

خلال هذا الوقت المضطرب، التقى بسيفليدينا، وهي امرأة بوسنية كانت تتمتع بذات الصلابة التي يتمتع بها وقد وقعا في الحب وتزوجا. وفي عام 1997، بعد أقل من عام من زواجهما، قررا مواصلة رحلتهما في السودان.

تتذكر سيفليدينا قائلة: "بعد أن عشنا في الخرطوم لمدة عامين، انتقلنا إلى مدينة ود مدني وعشنا هناك لمدة 24 عامًا, قبل الحرب، كان الوضع هادئا ورائعاً وكنا سعداء".

كان هاشم يدير شركة نقل صغيرة في ود مدني، يدير أسطولاً من سيارات الأجرة، حيث بدت الحياة مستقرة وواعدة، حتى اندلع الصراع في أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وقالت سيفلدينا وعيناها ممتلئة بالذكريات: "الخرطوم هي التي ضُربت أولاً. كنا نظن أن الامر لن يستمر طويلا، ولكن سرعان ما امتد القتال إلى ود مدني".

وتذكرت قائلة: "كان يوم جمعة عندما تعرضت ود مدني للهجوم, مباشرة بعد الضربة الأولى، أمسكنا بأطفالنا وبعض ممتلكاتنا وبدأنا بالركض بحثاً عن الأمان، بينما كان الرصاص يتطاير فوق رؤوسنا".

هاشم وسيفيلدينا. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة بالسودان/ فيدزا لوكوفاتش

كانت رحلتهم محفوفة بالمخاطر، وقالت سيفليدينا بصوت مرتعش: "انتهى بنا الأمر في الشوارع، حيث رأينا جثثا ملقاة على الطريق. لقد انتقلنا مع مجموعات كبيرة من الناس، جميعهم يبحثون عن الأمان. وكان هناك العديد من الشاحنات الكبيرة التي تنقل الناس. وفي كل قرية توقفنا فيها، كنا نقضي يومين أو ثلاثة أيام، وقد استغرقنا خمسة عشر يوماً للوصول إلى بورتسودان."

وبمجرد وصولهم إلى بورتسودان، ازدادت آمالهم في الوصول إلى بر الأمان من خلال دعم سفارة البوسنة والمنظمة الدولية للهجرة. عائلة هاشم وسيفلدينا هي من بين 15 فردًا تم دعمهم للعودة إلى البوسنة في إطار مبادرة التعاون في مجال الهجرة والشراكات من أجل الحلول المستدامة (كومباس) الممولة من وزارة الخارجية الهولندية، والتي تركز على تعزيز الوصول إلى المسارات الحساسة للحماية.

إن الوقت ينفد بالنسبة لملايين الأشخاص في السودان الذين يواجهون خطر المجاعة الوشيك، والنازحين من أراضيهم، والذين يعيشون تحت القصف، وانقطعت عنهم المساعدات الإنسانية. إن نصف سكان السودان، أي ما يقرب من 25 مليون شخص، في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية؛ أربعة عشرة ملايين من المحتاجين هم من الأطفال.

 إن وحشية هذا الصراع وتأثيره على الأشخاص الضعفاء أمر لا يمكن تصديقه. فالجوع متفشٍ، ويتم استخدام العنف الجنسي كأداة للحرب. لقد أصبح السودان بالفعل أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم مع وجود أكثر من عشرة ملايين نازح داخليًا.

هاشم يلتقي بأحمد شوشة، موظف المنظمة الدولية للهجرة الذي يساعد عائلته بود مدني لأول مرة. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة بالسودان/ فيدزا لوكوفاتش

وقالت سيفلدينا بصوت ممزوج بالأمل والتصميم: "إن شاء الله، آمل أن يكون كل شيء على ما يرام الآن".

وباعتبارهم مواطنين بوسنيين، فقد كانوا مؤهلين للحصول على المساعدة من خلال برنامج العودة الإنسانية الطوعية التابع للمنظمة الدولية للهجرة، والذي يساعد المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل على العودة إلى بلدهم. "نحن نعلم أنه في البوسنة، سنحتاج إلى البدء في إعادة بناء حياتنا من الصفر. لن يكون من الصعب علي العودة وأنا سعيدة لأن زوجي يحمل الجنسية البوسنية."

تشمل أهلية الحصول على مساعدة العودة الطوعية الإنسانية استيفاء معايير الضعف، وحيازة جنسية بلد المقصد، والموافقة على العودة الطوعية.

منذ تصاعد النزاع في السودان، تمت مساعدة 670 مهاجرًا تقطعت بهم السبل من خلال برنامج العودة الطوعية للمنظمة الدولية للهجرة للوصول إلى وطنهم. بالنسبة للعائدين طوعًا، توفر المنظمة الدولية للهجرة المساعدة المباشرة والفحص الطبي والمساعدة في تجهيز الأوراق ومصروف الجيب وشراء تذاكر الطيران بالإضافة إلى توفير المرافقة والمساعدة في إعادة الإدماج عند العودة.

أحمد شوشة، مساعد برنامج العودة الطوعية والادماج يلتقي بهاشم وسيفيلدينا لإطلاعهم على الإجراءات قبل مغادرتهم إلى البوسنة. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة بالسودان/ فيدزا لوكوفاتش