أديس أبابا - "إنّ الموسيقى هي ما جعلني أغادر بلدي، لكنها أيضًا سبب عودتي وازدهاري"، كما يقول المغني داغني البالغ من العمر ٢٧ عامًا.

يضيف المغنّي – المصوّر قائلاً: "منذ ست سنوات، قررت مغادرة إثيوبيا لأنني اتُهمت باستخدام الموسيقى للتأثير سلبًا على الناس. سمع البعض عن هذه الاتهامات، مما دفع عدداً من الجماعات إلى انتهاز الفرصة للتعرّض إليّ جسديًا. أصبحت مستهدفاً وتم تصنيفي كمغني دعائي".

في محاولة يائسة للهروب وموسيقاه – مصدر رزقه – انتهى الأمر بداغني بدفع مبلغ من المال لأحد المهرّبين الذين وعودوا بتسهيل رحلته إلى السودان، ثم إلى ليبيا.

"كانت رحلة قاتلة؛ وضعوني في شاحنة داخلها أكثر من ١٠٠ شخص وسافرنا عبر الصحراء تحت أشعة الشمس الحارقة. لم ينجُ معظم مَن قاموا بالرحلة. في ذلك الوقت، كنت سعيدًا بوصولي إلى ليبيا على قيد الحياة".

في محاولة يائسة للهروب من التهديدات التي واجهها في إثيوبيا، انتهى الأمر بداغني بدفع مبلغ من المال لمهرّب وعده بتسهيل رحلته خارج البلاد باتّجاه السودان ثم إلى ليبيا. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة/ ميهالون لولي.

وجب على أولئك الذين كانوا محظوظين بما يكفي للبقاء على قيد الحياة دفع مبلغ ٧٠٠٠ دولار أمريكي إضافي. وبما أنّه لم يكن لداغني أي إمكانيّة لتسديد هذا المبلغ، تم وضعه في زنزانة تحت الأرض مع بقية الأشخاص الذين لم يتمكنوا من تأمين المبلغ المطلوب من عائلاتهم في الوطن.

مع مرور الأشهر، وصل داغني والسجناء الآخرون إلى حافة الانهيار، لذلك خططت مجموعة منهم للفرار ونجحت في مغادرة ما بدا وكأنه سجنٌ في الجحيم.

"كنت سعيدًا جدًا لأنني نجحت بالفرار. ما لم أكن أدركه هو أنّ سعادتي هذه لن تستمرّ لوقت طويل".

سرعان ما التقى داغني برجل آخر وعده باصطحابه إلى أوروبا في سبيل بدء حياة جديدة. عندما اتّضح للمهرب أنّ داغني لم تكن له الإمكانيّة لتسديد المبلغ المطلوب، تم إلقاؤه في السجن مرة أخرى.

ومن جديد، بعد أشهر على احتجازه وتعرّضه للضرب، تمكن من الفرار مرة أخرى. ثم قرّر البقاء في ليبيا وحصل على عمل وضيع حتى أصابه المرض ووجد نفسه طريح الفراش لأسابيع.

داغني سعيد بالعودة إلى إثيوبيا حيث لقيَ فرص أكبر للنجاح وهو على استعداد للتخلّي عن الماضي. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة/ ميهالون لولي.

عندما أدرك ما هي الخدمات المتاحة للمهاجرين في ليبيا، قرّر داغني طلب المساعدة والتواصل مع مركز استجابة تديره المنظمة الدولية للهجرة.

تلقى مساعدة طبية استمرّت عدّة أسابيع وبدعم من المنظمة الدولية للهجرة، عاد في نهاية المطاف إلى إثيوبيا.

وبما أنّه كان غير قادراً على التنقّل أو الاعتناء بنفسه، وجب على داغني البقاء في مركز عبور تابع للمنظمة الدولية للهجرة في أديس أبابا حيث واصل علاجه الطبي حوالي عامَين.

وأخيراً، بمجرّد أن تحسّنت خالته الصحيّة وتمّ شمله مع عائلته، أنشأ شركته الخاصة للتصوير الفوتوغرافي بفضل اللوازم والدورات التدريبيّة التي حصل عليها من خلال البرنامج.

يقول داغني: "بفضل المعدات والتدريب الذي قدمته المنظمة الدولية للهجرة، تمكنت من افتتاح استوديو للتصوير خاص بي. على الرغم من أنه ليس بالضرورة عملاً مربحًا حاليّاً، كانت هذه المساعدة بالغة الأهميّة بالنسبة إليّ، إذ سمحت لي بكسب ما يكفي من المال لإعالة نفسي وعائلتي".

من خلال المعدات والتدريب الذي قدمته المنظمة الدولية للهجرة، تمكن داغني من افتتاح استوديو للتصوير خاص به بينما واصل العمل على موسيقاه. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة/ ميهالون لولي .

معظم أيام نهاية الأسبوع، يتم استدعاء داغني لالتقاط صور ومقاطع فيديو لأحداث مختلفة، خاصّة حفلات الزفاف، في حين يواصل خلال أيام الأسبوع ممارسة الموسيقى عن طريق الكتابة والتسجيل والأداء الأغاني مع فرقته. وهو سعيد بالعودة إلى بلده ومصمم على البقاء في إثيوبيا.

"ما مررت به علّمني دروساً عديدة. أنا سعيد لأنني عدت وباستطاعتي أن أمارس ما أحب".

كما أنّ داغني متشوّق أيضًا لإنهاء أغنية كتبها عن رحلة الهجرة التي قام بها، آملاً أن يساعد ذلك آخرين على اتخاذ قرارات آمنة ومستنيرة بشأن مستقبلهم.

"أشعر وكأنّني من خلال هذه الأغنية أعيد كتابة قصتي. آمل أن تساعد أشخاصاً آخرين".

 

تم إطلاق المبادرة المشتركة بين الاتحاد الأوروبي والمنظمة الدولية للهجرة في ديسمبر ٢٠١٦ بدعم من الصندوق الائتماني الأوروبي للطوارئ من أجل افريقيا وهي تشمل ٢٦ بلداً افريقياً في منطقة الساحل وبحيرة تشاد والقرن الأفريقي وشمال إفريقيا، إلى جانب الاتحاد الأوروبي والمنظمة الدولية للهجرة، لضمان أن تكون الهجرة أكثر أمانًا، واستنارة، على أن تتمّ إدارتها بشكلٍ أفضل لكلّ من المهاجرين ومجتمعاتهم.

 

كتب هذه القصة كاي فيراي، مسؤول الإعلام والتواصل في المنظمة الدولية للهجرة في إثيوبيا، .kviray@iom.int