بيشاور، باكستان – يتمتّع أمين الله موهبة خاصّة في تحضير الطعام. قبل جائحة كوفيد-١٩، كان الشيف الذي علّم نفسه بنفسه يدير شركة صغيرة الحجم تقدّم وجبات للمناسبات ومستوحاة من المطبخ الأفغاني. 

مع إستمرار الوباء، إنخفض الطلب على خدمات المطاعم بين ليلةٍ وضحاها إذ أمست المناسبات الاجتماعيّة من الماضي. كافحت شركة أمين الله الصغيرة للصمود ولكن في النهاية، اضطرّ إلى إغلاق مطعمه.  

إنّ قصة أمين الله طويلة ومتعرّجة. ولد في باكستان في التسعينيات لوالدين أفغان مهاجرَين. أتمّ ترحيله وعائلته إلى أفغانستان في أوائل الألفية الثانية، لكن عندما لم تتمكّن العائلة من العثور على عمل يؤمّن مصدر دخل مستدام في أفغانستان، عادت إلى باكستان. 

على مرّ السنين، قام أمين الله  بتجربة حظّه والعمل كميكانيكي سيّارات ونجّار وعامل في البناء. فَشِل في كلّ وظيفة من هذه الوظائف إذ كان دائماً مهتمّاً بالعمل في المطبخ. 

ويتذكّر قائلاً "الطعام مهمّ جدًا في ثقافتنا - لا شيء لا يمكن لطبق من لحم الضأن تحسينه. عندما كنت طفلاً، كنت أراقب والدتي وهي تطهو في المطبخ أحاول الاعتياد على رائحة التوابل والتعرّف على المكونات التي تستخدمها".  

أمين الله يستعدّ لطبخ طبق لحم الضأن في وعاء طهي كبير. الصورة: المنظّمة الدوليّة للهجرة/عثمان غني

منذ ستّ سنوات، بدأ أمين الله العمل كعامل بأجر يوميّ في مطاعم بيشاور – في خدمة الموائد في أغلب الأحيان، لكن سرعان ما أدرك أصحاب المطاعم موهبة أمين الله خاصة عندما وجِدَ في المطبخه. في النهاية، تدّرب في سلسلة من المطاعم المعروفة في جميع أنحاء المدينة وعمل بجدّ لصقل موهبته. 

على الرغم من حبّه وموهبته في الطّهي، كان بالكاد يستطيع تغطية نفقاته كعامل بأجر يومي. ورغم أنّ أيّام العمل طويلة، بقيت مع ذلك جيوبه فارغة. قرّر أمين الله الذي كان يسعى إلى تقاضي أكثر من مجرّد الحدّ الأدنى من الأجر، أخذ قفزة إيمانيّة قبل إنتشار الوباء. فاستأجر بمدخرّاته الضئيلة الأواني والمعدّات لبدء عمله الخاص في مجال الطهي. 

ولدت شركة أعمال أمين الله الصّغيرة الحجم من قدرته على مزج الأطباق الأفغانيّة والباكستانيّة الشعبيّة معًا بسلاسة. ومع ذلك، فإنّ إستئجار أواني الطّهي والشوي وغيرها من المعدّات تطلّب منه أن يتقاسم الأرباح مع مورديه، ولكن كان بوسعه الاستمرار بإدارة عمله. ثم حلّ الوباء وتعلّقت كافّة أحلامه. 

لطالما كان الطّهي شغف أمين الله. فإنّ قدرته على استئناف وظيفة أحلامه وتوظيف مهاجرين آخرين بعد مرور عامَين صعبَين، جلبت له السّعادة.

في مطلع هذا العام، تقدّم أمين الله بطلب للحصول على منحة تطويرالأعمال من المنظّمة الدوليّة للهجرة على أمل استئناف شغفه بالطّهي. عندما تم اختيار عمله التجاريّ لتلقّي منحة بقيمة ألف دولار أمريكي، إشترى أمين الله ستّة أواني طهي كبيرة وثلاثة أواني متوسّطة الحجم، إلى جانب آلة فرم وخزّان مياه وثلاث مشاوي على الفحم ولافتة. 

فضلاً لهذه المجموعة الصغيرة من المعدّات، تمكّن أمين الله من مضاعفة كميّة الإنتاج في مطبخه وبعد ذلك لم يعد مضطرًّا إلى تقاسم أرباحه مع الموردين. 

بعض من الأطباق التي تخصّص بها أمين الله تشمل الضأن، و الساج، وكابولي البيلاو، ودجاج سالان والقوشت. الصورة: المنظّمة الدوليّة للهجرة باكستان - ٢٠٢٢.

ومرّة أخرى، ازدهرت أعمال أمين الله. إذ لاقت أطباقه من الضأن، والساج، والكابولي البيلاو، ودجاج سالان وقوشت نجاحاً كبيراً بين السكّان المهاجرين الأفغان المتواجدين في بيشاور. 

من كثرة ردود الفعل الإيجابيّة وتزايد المبيعات، قام أمين الله بشراء المزيد من المعدّات لتنمية أعماله التي من خلالها وظّف الآن سبعة عمّال - ستّة منهم من المهاجرين. 

فيقول بصوت يملؤه الأمل: هدفي التّالي هو توسيع نطاق عملي وشراء الزواني اللازمة لتقديم الطعام في المناسبات". 

 

كتبت هذه القصّة مها أكبر، مسؤولة الإعلام والتواصل في المنظّمة الدوليّة للهجرة في باكستان، maakbar@iom.int.