الخرطوم - وصل عبد الرحمن إلى السودان في الوقت المناسب لحضور حفل زفاف ابنته. 

عبد الرحمن، مدرس سوداني يبلغ من العمر 63 عامًا، عاش في الجوف شمال اليمن على مدار الثلاثين عامًا الماضية. لم ير عائلته خلال تلك الفترة. 

تطايرت دموع الفرح على وجوه أحبابه وهم يحتضنونه بشدة عند بوابة الوصول بمطار الخرطوم الدولي. 
"هناك أشياء كثيرة أريد أن أفعلها؛ لا أعرف من أين أبدأ. لقد نجحت في الوصول في الوقت المناسب لحضور حفل زفاف ابنتي".

وصل الشاب عبد الرحمن إلى الجوف لمتابعة شغفه: تعليم أطفال المدارس الثانوية والاعدادية في مجموعة متنوعة من المواد، بما في ذلك التاريخ والرياضيات. 

قال عبد الرحمن: "كانت الحياة حلوة قبل الصراع، وكان كل شيء بسيطًا، وكنا نعيش حياتنا مثل أي شخص آخر في العالم. لكن عندما بدأ القتال، لم أتخيل قط أنه سيغير حياتي الى هذا الحد".

في الوقت الذي تكافح فيه البلاد في عامها الثامن من الصراع، أفاد شركاء المنظمة الدولية للهجرة والمجتمع المحلي أن أكثر من 1000 مهاجر - بما في ذلك النساء والأطفال - قد أصيبوا أو تعرضوا للهجوم هذا العام.
 
."في البداية، لم نتأثر كثيرًا بالنزاع، ولكن ببطء وصل إلينا الصراع. اقترب القصف أكثر فأكثر، وفي النهاية فقدت كل شيء" 
مع انتشار الاشتباكات في جميع أنحاء البلاد، واجه عبد الرحمن وآخرون مثله مواقف صعبة. أصبح تدريجيا من الصعب على العمال المهاجرين الاستمرار في وظائفهم.

توقفت رواتبنا، وترك معظم زملائي وظائفهم، حيث لم يكن لديهم أي سبيل آخر للبقاء على قيد الحياة. بقيت لمدة عامين وقمت بتدريس الأطفال مجانًا، لكن ال الحياة أصبحت صعبة للغاية". 

كان عبد الرحمن بلا عمل أو منزل لمدة ثماني سنوات. استقبله أفراد المجتمع المحلي، الذين اعتنوا به، ووفروا له الطعام والماء، ومكانًا للعيش فيه. حتى في ذلك الوقت لم يرغب في التوقف عن التدريس وبدأ في تعليم أطفال مجتمعه المضيف.
"لقد اعتنوا بي وعاملوني وكأنني واحد منهم. أنا ممتن جدًا لهم ". 

مع انتشار الصراع بسرعة في جميع أنحاء البلاد، أصبح من الصعب على عبد الرحمن البقاء.
 
"ذات يوم، اشتد القصف لدرجة أنه أصاب مجتمعنا بشكل مباشر. في ذلك اليوم، رأيت ستة من أصدقائي يموتون. كنت أنا الوحيد الذي نجا. كنت أعرف أنني يجب أن أتخذ قرار".

كان عبد الرحمن قد سمع من مهاجرين سودانيين آخرين عن برامج المنظمة الدولية للهجرة للعودة الإنسانية الطوعية. ومع ذلك، كانت العودة إلى الوطن خيارًا صعبًا بنفس القدر بسبب جائحة كوفيد. 

كان العالم مغلقا حيث أغلقت البلدان حدودها، وقيدت الحركة وقطعت السبل بمهاجرين مثل عبد الرحمن.

"لمدة عام كنت أحاول إيجاد طريقة للعودة ، لكن المكاتب كانت مغلقة - لم يكن هناك مكان أذهب إليه."

في النهاية، تم تخفيف القيود، لكن الحصول على تصاريح السفر اللازمة كان معقدًا. بعد شهور من الانتظار ، تلقى مكالمة من المنظمة الدولية للهجرة في اليمن تعرض عليه العودة الإنسانية الطوعية. 

تم توفير رحلة عودة طوعية إنسانية للعودة إلى الوطن لعبد الرحمن وستة مهاجرين آخرين. من خلال مشروع كومباس الممول من هولندا والمنظمة الدولية للهجرة، تلقوا أيضًا منحًا لإعادة الإدماج لبدء الأعمال التجارية في موطنهم.
 
"أريد أن أرى بقية أفراد عائلتي، وربما أعود إلى التدريس. قد أبدأ مشروعًا زراعيًا، لكن الوقت فقط سيخبرنا بذلك. أنا سعيد فقط بعودتي".

يتم تنفيذ مبادرة التعاون بشأن الهجرة والشراكات لتحقيق حلول مستدامة من قبل المنظمة الدولية للهجرة وبتمويل من حكومة هولندا. تم تصميم مشروع كومباس للمساعدة في حماية الأشخاص أثناء التنقل، ومكافحة الاتجار بالبشر والتهريب، ودعم العودة الكريمة عبر 14 دولة، مع تعزيز إعادة الإدماج المستدامة. 

لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة
 www.iom.int/compass 

بقلم ويجدان محمد، المنظمة الدولية للهجرة بالسودان 
wmohamad@iom.int