شانلي أورفا - إنّ عبد القادر ملمّ بكلّ ما يخصّ خدمة موازنة العجلات. وهو يعمل في متجر صغير لتصليح السيارات في شانلي أورفا في جنوب شرق تركيا، حيث يعيش في الوقت الحالي.

والمتجر معروفٌ في مجتمعه وخارجه كونه الوحيد الذي يقدّم هذا النوع من الخدمة في المنطقة. وقد قام الميكانيكي الشاب القادم من سوريا بتصميمه وبنائه بيدَيه.

لطالما كان لعبد القادر أحلام كبيرة، من بينها افتتاح متجر خاص به مع شقيقه لتصليح السيارات يومًا ما؛ ولكن منذ وقت ليس ببعيد، اعتقد أنّ هذا الحلم لن يتحقق يوماً.

ويوضح عبد القادر البالغ من العمر٣٣ سنة قائلاً "كنت أرغب بشدّة في تغيير مسار حياتي لدرجة أنني فكرت في أن أطلب من أحد المهرّبين المساعدة في الوصول إلى أوروبا. ولكنّي اليوم أقوم بالتركيز على إعادة بناء حياتي في مجتمعي الجديد".

مشروع المنح النقدية التابع للمنظمة الدولية للهجرة الذي دعم عبد القادر ومكّنه من اكتساب المزيد من الثقة في مهاراته. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة / بيجوم باشاران.

بدأ عبد القادر العمل في سن مبكرة للغاية لإعالة أسرته. عام ٢٠٠٢، غادر هو وشقيقه سوريا إلى قطر بحثًا عن عمل لائق.

يتذكر عبد القادر قائلاً: "هكذا بدأت قصّتي مع الهجرة – آملاً الحصول على حياة جديدة وفرص عمل أفضل. خلال الفترة التي قضيتها في قطر، اكتسبت معرفة واسعة في قطاع تصليح السيارات وهو المجال الذي تخصّصت فيه حتّى صرت خبيراً".

على الرغم من أنّ عبد القادر غالبًا ما كان يشعر بالحنين إلى الوطن والقلق على سلامة عائلته، إلا أنه استمر في العمل الشاق، بدافع تأمين حياة كريمة لأحبائه.

أدّى اندلاع الصراع في سوريا إلى قلب خطط عبد القادر رأسًا على عقب: فعاد إلى بلده لنقل عائلته إلى تركيا، لمزيد من الأمان. لكن بينما كانوا على وشك المغادرة، بدأ القصف، وأصابته رصاصة في رأسه. ونجا بأعجوبة.

تمكنت الأسرة المصابة والمذعورة والخائفة من عبور الحدود. في تركيا، تلقى عبد القادر العلاج لمدة شهرين، لكن لم يتكّن الأطباء من استخراج الرصاصة – إذ أنّ محاولة استخراجها شكّلت خطراً كبيراً على حياته. كان عليه الاعتماد على الأدوية للتخفيف من حدّة الألم، ولكن طوال فترة تعافيه، لم يتوقف عن العمل لإعالة أسرته. غير أنّ التشنجات في النهاية، دفعته إلى طلب المزيد من العلاج لتحسين حالته الصحيّة.

بفضل أخلاقياته القوية في العمل وموهبته المميّزة، أصبح الميكانيكي الشاب شريكًا تجاريًا في الشركة التي كان يعمل فيها. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة / بيغوم باشاران

"توجّهت إلى مركز انسار الاجتماعي في غازي عينتاب للحصول على الدعم الطبي. وهناك تعرّفت على المنظمة الدولية للهجرة وتمّت إحالتي إلى مشروع تقديم الطلبات للمنح النقدية. كنت مهتمًا جدًا لدرجة أنني قدّمت اقتراح مشروع وتقدمت بطلب للحصول على منحة".

نمت ثقة عبد القادر بنفسه بعد حصوله على المنحة: فبذل المزيد من الجهد في عمله وشارك باقتراح أفكار جديدة، مما جعله بعد ذلك شريكًا تجاريًا في الشركة التي عمل بها لاحقاً. ونتيجة لذلك، نما على الصعيدَين المعني والمالي، وحقّق توازنًا ملائماً بين العمل والحياة، مما أدى إلى تحسّن سريع في صحّته.

ويشرح قائلاّ " لقد منحتني هذه الوظيفة فرصة حياة جديدة. قبل الحصول عليها، كنت أفقد قوتي الجسديّة يومًا بعد يوم. لكن الآن، أتمتّع بالحريّة الكافية لتعديل ساعات عملي بحسب وضعي الصحي".

يشارك اليوم عبد القادر مع المجتمع التركي المعرفة والخبرة التي اكتسبها أثناء عمله في قطر. فقد نجح في مجال موازنة العجلات، ويتلقى متجره العديد من الطلبات فضلاً للتسويق الشفهي.

يأمل عبد القادر أن يتمكن في يوم من الأيام من افتتاح كراج خاصة به وشقيقه لتصليح السيارات. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة / بيجوم باشاران.

يقول عبد القادر إنّ الاندماج في المجتمع يتطلب وقتًا وجهدًا، لكنه يعمل بكدّ لجعل حلمه حقيقة من أجله وأسرته.

يوضح عبد القادر قائلاً "كان العمل مع السكان المحليين مفيدًا للغاية؛ إذ تعلمت الكثير منهم، كما أنّي أبني شبكتي الخاصة، ما يساهم بالفعل في خلق فرص عمل جديدة" وهو يتطلع إلى اليوم الذي سيتمكن فيه هو وشقيقه أخيرًا من افتتاح متجر خاص بهم لإصلاح السيارات.

تستمر المنظمة الدولية للهجرة التركية وشركاؤها في مساعدة أشخاص مثل عبد القادر لمرونة واستقلاليّة أكبر من الناحية المالية وذلك من خلال التدريب والمنح النقدية، بدعم مالي من مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية الأمريكية.