مأرب – عندما أقترب القتال العنيف من منزل فندة في الجوبة أوائل شهر أكتوبر، علمت انه لا خيار أمامها سوى ترك منزلها بحثاً عن الأمان. فرت المُدرسة البالغة من العمر 43 عاماً مع الآلاف من الأشخاص إلى موقع النزوح في الجانب الآخر من محافظة مأرب تاركة ورائها منزلها وكل ممتلكات عائلتها.  

تستذكر فندة قائلة "كنا بين آخر جماعة من الناس رحلت من الجوبة، لم نكن نريد الهروب. لكنا حافظنا على آمالنا في أن الوضع سيتحسن ولكن في أحد الأيام، أصبح القتال العنيف والانفجارات من حولنا أكبر من قدرة تحملنا. هربنا تاركين ورائنا كل شيء".   

في الأسابيع التي سبقت نزوح فندة، كان الصراع قد تسبب في إغلاق أبواب المدارس في المنطقة، مانعاً العديد من الأطفال من الذهاب إلى المدرسة وجعل العديد من المدرسين مثلها عاطلين عن العمل.  

امرأة نزحت حديثاً إلى مخيم في مأرب، تستلم مساعدات نقدية كجزء من استجابة المنظمة الدولية للهجرة للأزمة. الصورة: إلهام العُقبي/المنظمة الدولية

استقرت فندة وعائلتها في موقع للنزوح، وهو واحد من مواقع النزوح المنتشرة في مختلف أنحاء مأرب. استخدموا المال الذي تبقى معهم لشراء الأغطية البلاستيكية والأخشاب لبناء مأوى لعائلتهم البالغ عدد أفرادها ثمانية أفراد.  

ومثل الآلاف من العائلات النازحة، وجدت نفسها تُعاني لتوفير أبسط احتياجات البقاء لعائلتها. 

"كنا نمتلك منزلاً حقيقاً ونعيش حياة حقيقية. كنت أعمل كمدرسة، وكان أطفالي يذهبون إلى المدرسة. والآن دُمّرت الحياة التي كُنا نعيشها" أضافت فندة.  

"بين غمضة عين وانتباهها، وجدنا أنفسنا هنا وبلا شيء. أن أصبح نازحةٍ  فهذا أصعبُ شيء اضطررت لمواجهته في حياتي". 

امرأة نازحة تم تسجيلها للحصول على المساعدات النقدية في بنك تشارك مع المنظمة الدولية للهجرة. الصورة: إلهام العُقبي/المنظمة الدولية للهجرة 2021.

منذ اندلاع الصراع في المنطقة في 2015، أصبحت محافظة مأرب مستضيفة لأكبر تعداد من النازحين داخلياً في اليمن. وفي الأشهر القليلة الأخيرة، تسبب الصراع المتجدد في انتزاع حوالي 45,000 شخص، حيث كان العديد منهم نازحاً بالفعل داخل أو إلى المحافظة.  

الآن، تضغط موجات جديدة من النزوح على الموارد المستهلكة بالفعل وتترك الآلاف من العائلات بلا شيء.  

وخلال أسابيع قليلة من القتال الذي بدأ في التصاعد في شهر سبتمبر، بدأت المنظمة الدولية للهجرة برنامج التوزيع النقدي لتوفير وسيلة للنازحين الجدد للبدء من جديد لإعطاء العائلات القدرة على البدء من جديد.  

"التوزيعات النقدية هي وسيلة مرنة من وسائل المساعدات الإغاثية، والتي تسمح للمستفيدين باستخدام المال بحسب احتياجاتهم الملحة والمختلفة مثل الإيجار أو الرعاية الصحية أو مستلزمات العائلة"، قالت منال، مساعدة في برنامج التدخلات النقدية التابع للمنظمة الدولية للهجرة.  

وأضافت منال "يمكن لهؤلاء الذين يستلمون المساعدات النقدية يمكنهم اختيار كيفية أنفاق أموالهم بحسب أولوياتهم".  

أحدى أفراد الطاقم تقوم بتسجيل معلومات احد المستلمين والتحقق منها قبل تسليم المساعدات النقدية. إلهام العقبي / المنظمة الدولية للهجرة 2021.

بعد أسبوعين، من وصول فندة إلى الموقع الذي التجأت إليه، تم توجيهها إلى احد مراكز توزيع المساعدات النقدية التابعة للمنظمة الدولية للهجرة للحصول على مساعدة نقدية.  

بالنسبة لعائلة فندة، ستساعد هذه المعونة المالية في توفير المستلزمات الضرورية لمأواهم وفي شراء الملابس لأطفالهم الستة.  

وقال حُسين  والد فندة "الحياة صعبة، وتكلفة المستلزمات التي نحتاجها للبقاء ترتفع كل يوم. كانت نقودنا تنفد كل وقت وآخر، ولكن في وقتها، على الأقل كان لدينا منزل خاص بنا، وكنا بين معارفنا الذين كان من الممكن أن يساعدونا".  

والآن بعد أن نزحنا تضاعفت المصاعب التي تواجهنا".  

سبب تضخم العملة اليمنية تدهوراً اقتصادياً شديداً. وكنتيجة لذلك، لجئت العائلات، مثل عائلة، فندة، إلى تقليل وجباتها لتوفير المال أو للاقتراض من الأقارب.  

وأضاف حُسين "عندما كنا نقترض المال من أقربائنا، كنا واثقين بأننا نستطيع أن نعيد المال لهم عندما تتحسن الأوضاع. الآن، لسنا واثقين من ذلك". 

"لا تأتي هذه المساعدات النقدية في أصعب وقت في حياتنا فقط، ولكنها ليست قرض، ولسنا مُجبرين على إعادتها. وهذه أول مرة منذ وقت طويل، يكون معي نقوداً في يدي وأعلم اني لن أغوص أكثر في الديون". 

أبن فندة، صقر، سيكون قادراً على شراء ملابس جديدة بواسطة النقود التي استلمها من المنظمة الدولية للهجرة

منذ أن بدأت موجات النزوح بالتصاعد في مأرب في شهر سبتمبر، قدمت المنظمة الدولية للهجرة مساعدات نقدية متعددة الأغراض لأكثر من 5,000 أسرة نزحت حديثاً في المحافظة، بفضل دعم من الاتحاد الأوروبي للمساعدات الإنسانية، ومكتب المساعدات الإنسانية التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وصندوق التمويل الإنساني في اليمن.  

 

إلهام العقبي و منةالله حُميد – مساعدا التواصل في منظمة الدولية للهجرة في اليمن