أخبار
Global

السودان على أعتاب كارثة لا يمكن إصلاحها، مديرة المنظمة الدولية للهجرة

عبر أكثر من نصف مليون نازح إثر الصراع في السودان إلى جنوب السودان، معظمهم عائدين. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة/ إيليجا إليغو

بيان 
إيمي بوب | المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة 

قبل عام، جاءت الحرب إلى خادم، أم لسبعة أطفال من العاصمة السودانية الخرطوم، فهربت إلى مسافة 200 كيلومتر جنوب شرق مدينة مدني. جاءت الحرب إليها حرفيًا: حدث تبادل لإطلاق النار في مدني، ووقعت هي في مرمى النيران، وأصيبت بطلق ناري في كتفها. قطعت خادم وعائلتها مسافة 240 كيلومترًا أخرى شرقًا إلى القضارف محاولة للحصول على الرعاية الطبية المناسبة. 

وهناك، تبقى خادم وعائلتها، ينامون ليلاً على الأرض، في مخيم للنازحين بسبب أزمة نسيها العالم.

وعلى الرغم من الحاجة الواضحة والموثقة جيداً، لم تتلق الوكالات الإنسانية سوى 5 بالمائة فقط من التمويل اللازم لمنع وقوع المزيد من الكوارث في السودان هذا العام.

لكن هذه الأزمة ليست في الأرقام فحسب؛ ففي داخل السودان وفي جميع أنحاء البلدان المجاورة، تحطمت الحياة وتشتت شمل الأسر. ومع انتشار القتال، يتفاقم انعدام الأمن الغذائي، وتتدهور الصحة، وتستمر الانتهاكات والاستغلال دون عقاب على ما يبدو. هذه هي عواقب الحرب في السودان.

وفي باريس اليوم، يتيح المؤتمر الإنساني للمجتمع الدولي فرصة للبدء في تصحيح هذا الوضع للوفاء بوعدنا الإنساني. 

ستقوم وكالات الإغاثة، بما في ذلك المنظمة الدولية للهجرة، بعرض حالاتها على الحكومات المانحة، وتطلب منها المساعدة في التخفيف من حدة أحد أسوأ الأزمات الإنسانية التي شهدها العالم مؤخرًا.

والحقيقة المؤلمة هي أن العالم غالباً ما يتفاعل مع الأزمات بعد فوات الأوان، ودون الدعم المالي من الدول من جميع أنحاء العالم، فإن الاحتياجات في السودان سوف تتعمق وتصبح أكثر تكلفة. يعد المأوى والغذاء ومرافق المياه والصرف الصحي والنظافة من بين الأساسيات، وكذلك الخدمات الصحية والتعليمية والصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي. ويجب علينا أيضًا بذل المزيد من الجهد لتقديم المساعدة وضمان الحماية للعديد من الناجيات والناجين من الاستغلال والانتهاكات المتفشية الناجمة عن هذه الحرب.

ولأن نطاق الصراع آخذ في الاتساع، فإن البلدان المجاورة للسودان تحتاج أيضًا إلى المساعدة؛ هاجر حوالي مليوني شخص، معظمهم من المواطنين السودانيين من الأماكن الأكثر تأثرًا بالصراع في السودان إلى البلدان المجاورة. وقد أثقل هذا كواهل تلك الدول، وخاصة المجتمعات المحلية الموجودة مباشرة على الحدود. نحن بحاجة إلى التأكد من أن جيران السودان والمجتمعات المضيفة يمكنهم تقديم الخدمات الأساسية للوافدين.
فبدون المساعدة الإنسانية، سينزح المزيد من الأشخاص المتأثرين بهذا الصراع، وسيواجه المزيد من الأشخاص مخاطر جسيمة في محاولات يائسة لعبور الحدود.

وحتى إذا توفر التمويل المناسب لعملنا في السودان، فإننا نعلم جيدًا أن عملنا لن يكون سهلاً. غالباً ما يتم استهداف العاملين في المجال الإنساني في السودان من قبل الأطراف المتحاربة، وقد تم نهب مستودعات ومكاتب وكالات الأمم المتحدة ومجموعات الإغاثة. كما أن الوصول إلى الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة أمر صعب للغاية. وفي البؤر الساخنة مثل دارفور والخرطوم والجزيرة وكردفان، كان إيصال المساعدة إلى من هم في أمس الحاجة إليها أقرب إلى المستحيل في كثير من الأحيان.

ومع ذلك، فإن مساعدة الناس هي مهمتنا، لذلك نبقى ونقدم كل ما نستطيع. تعمل الوكالات الإنسانية  بلا كلل ولا ملل على ضمان عدم ترك شعب السودان طي النسيان وأن يبقى العالم مستعدًا وراغبًا في المساعدة.

وبعيداً عن التمويل، فإن ما نحتاج إليه أكثر من أي شيء آخر، كما نفعل في أجزاء أخرى كثيرة من العالم، هو السلام. نحن جميعًا في المجتمع الإنساني نطلب هذا من كل قائد، ومن أي شخص يمكنه التأثير على الأطراف المتحاربة: الناس يعانون، وحياتهم معلقة. من فضلكم، انشدوا السلام.