تقول شكرية بصوت أجش، والدموع تنهمر من عينيها وهي تتذكر الأيام الأكثر صعوبة: "كنت خائفة وظننت أنني سأموت، كان من المروع رؤية شقيقيّ يزحفان على أيديهما - اعتقدت أنهما سيموتان [أيضًا]. كان من المحزن تَلَقّي نظرة الشفقة من عيون الآخرين وهم يراقبوننا بحذر من بعيد. كان من المؤلم الشعور بالمرض. لقد سلبني صحتي وقدراتي الجسدية. لقد جعلني اتراجع نفسيًا [لدرجة أنني كنت على استعداد] للإستسلام للمرض ".

شكرية في الثلاثينيات من عمرها. وهي الشقيقة الكبرى لثلاثة أشقاء، تعيش مع عائلتها في أطراف منطقة العلم في محافظة صلاح الدين.

تخبرنا شكرية: "في شتاء 2018، عاد أخي إلى المنزل مصابًا بسعال. تفاقم مرضه في غضون أيام. مع تزايد الحرارة باستمرار في جسده وفقدان الرغبة في تناول الطعام، كان جسده عاجزًا تمامًا. وفي غضون أسابيع، انخفض وزنه إلى حد كبير لدرجة أنه فقد القدرة على الوقوف والمشي. لم نكن نعرف ما الذي كان يحدث له - رغم أننا ذهبنا إلى العديد من الأطباء، إلا أنهم لم يتمكنوا من تشخيص حالته،".

"خلال تلك الفترة، أصبتُ بالعدوى وأخي الأصغر. وبدأت تظهر نفس الأعراض على كلينا. كنت أشعر بألم في أجزاء مختلفة من جسدي، كنت أصاب بالهلوسة بسبب ارتفاع درجة حرارة جسدي. كنا نتخذ خطوات سريعة نحو الموت قبل أن يتم التعرف علينا من قبل فريق من الأطباء العاملين مع المنظمة الدولية للهجرة وتم تشخيص مرض السل ".

يعتبر العراق من الدول التي تمتلك أعلى معدلات الاصابة بمرض السل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. منذ عام 2014، أدت أزمة داعش والعمليات العسكرية اللاحقة لاستعادة السيطرة على المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش إلى مزيد من التدهور في قدرة العراق على إدارة مرض السل في جميع أنحاء البلاد.

لا يزال الوضع الإنساني في البلاد متقلبًا، ولا يزال أكثر من مليون شخص في حالة نزوح، وهناك حوالي 180 ألف شخص يعيشون في مخيمات للنازحين داخليًا. تعمل المنظمة الدولية للهجرة في مجتمعات النازحين والعائدين والمجتمعات المضيفة - مثل العلم - لدعم البرنامج الوطني لمكافحة السل في العراق للحد من مرض السل في جميع أنحاء البلاد.

"كان [تشخيص] مرض السل خبراً صادمًا لم نكن مستعدين له، حيث لم نكن نعرف شيئًا عن هذا المرض. قال الناس في القرية إننا سنموت، وكانت ظروفنا الصحية تتدهور حقًا، وانكسرنا نفسيا - كنا ببساطة ننتظر الموت، لكن فريق المنظمة الدولية للهجرة ساعدنا على استعادة الأمل مرة أخرى. "

تم إحالة شكرية وإخوتها ونقلهم إلى مركز متخصص للسل للفحص. وصف الأطباء لهم جرعات من الأدوية في مواعيد محددة وفقًا لإرشادات العلاج للبرنامج الوطني لمكافحة السل، وتلقوا فحوصات دورية أثناء فترة العلاج، وكان كل ذلك مجانًا. كما قام الفريق الطبي التابع للمنظمة الدولية للهجرة في العراق بدعمهم من خلال العلاج الخاضع للمراقبة المباشرة، ومتابعة العلاج والرعاية، بالإضافة إلى صناديق الغذاء لتحسين صحتهم بشكل عام.

في البداية، كان إخوة شكرية يقاومون تناول الدواء، لكنها كانت مصممة على أن يتخطوا ذلك معًا. على الرغم من ضعف حالتها، عملت شكرية بنجاح مع أعضاء الفريق الطبي لدعم إخوتها من خلال العلاج.

تتذكر شكرية "بدأنا نشعر بأن صحتنا تعود تدريجياً و [رأينا] تحسناً ملحوظاً في أوزان أجسامنا".

بعد ستة أشهر من العلاج والمتابعة من قبل الفريق الطبي للمنظمة الدولية للهجرة في العراق، تعافت شكرية تمامًا من مرض السل. وبعد شهرين، شُفي شقيقاها تمامًا أيضًا.

شكرية تبتسم قائلة: "بعد التعافي من المرض والنجاة من تلك التجربة المريرة، أشعر أننا ولدنا من جديد".

بالاشتراك مع البرنامج الوطني لمكافحة السل، تمكنت الفرق الطبية المتنقلة التابعة للمنظمة الدولية للهجرة في العراق من مساعدة شكرية وإخوانها بفضل الدعم المقدم من الصندوق العالمي. هناك حاجة إلى استمرار الدعم لتعزيز قدرة البرنامج الوطني لمكافحة السل على الاستجابة لحالات السل وتقليل معدلات السل في جميع أنحاء البلاد.

 

كتبت هذه القصة سارة علي من المنظمة الدولية للهجرة في العراق