قصص
بقلم :
  • هاجر بوقرش | مسؤولة تواصل - المنظمة الدولية للهجرة بالجزائر

واجهت إيمي*، وهي مهاجرة من نيجيريا، تحديات صعبة جدا بعد أن فقدت والدها. في مواجهة مسؤولية إعالة أسرتها، شرعت في رحلة إلى الجزائر، مدفوعة بالوعد بحياة أفضل.

ومع ذلك، كان الواقع مختلفًا تمامًا. تروي إيمي: "كانت لديّ صديقة أتت لزيارتي، عاشت في الجزائر لفترة، وأخبرتني أن هناك وظيفة جيدة براتب شهري. يمكننا الوصول إلى هناك عبر النيجر". لسوء الحظ، عند وصولها، اكتشفت إيمي أن الوظيفة لم تكن كما وعدت بها، ووجدت نفسها في ظروف قاسية دون أي دخل.

وسط هذه الصعوبات، حملت إيمي، وخاضت رحلة محفوفة بالمخاطر مع مولودها الجديد. تتذكر بوضوح قائلة: "وجدت نفسي بلا مأوى، وأنام في خيمة في موقع بناء. كان الجو باردًا جدًا بالنسبة لطفلي، وفي مرحلة ما، أصبح الأمر خطيرًا للغاية حيث تعرضت للهجوم والمضايقة."

طلبت إيمي المساعدة من أحد الأصدقاء  الذي وجهها إلى المنظمة الدولية للهجرة التي قيل لها إنها تساعد النساء المهاجرات في الجزائر. قالت إيمي: "قلت لنفسي، دعني أذهب إلى المكتب وأرى كيف ستسير الأمور".
 

إيمي تصنع السلة باستخدام مواد معاد تدويرها، المصدر: المنظمة الدولية للهجرة 2023/ هاجر بوقرش

وفي مكتب المنظمة الدولية للهجرة في الجزائر، تم توجيهها على الفور إلى مستشار وتم منحها الأولوية بسبب وضعها الهش. بعد التسجيل، تلقت إيمي وطفلها فحوصات طبية وتم وضعهما في نهاية المطاف في منشأة استضافة آمنة.

تتذكر إيمي قائلة: "بعد الليلة الأولى في المركز، شعرت بالارتياح والسعادة لأنني وجدت الأمان. لم أكن آمنة للغاية في المكان الذي كنت أقيم فيه من قبل حتى تلك اللحظة، وكنت أصبح قلقة للغاية عند سماع أي ضجيج بسيط من حولي".

أثناء وجودها في المركز، انخرطت إيمي في الأنشطة الفنية، وخاصة الاستمتاع بصنع السلال الصديقة للبيئة. تقول: "أنا أستمتع بالأنشطة الفنية، وأحب العمل على شيء إبداعي وصديق للبيئة مثل السلال التي نصنعها حاليًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن ذلك يساعدني على إبعاد تفكيري عن أشياء معينة."

من خلال صناعة السلال الحرفية باستخدام مواد معاد تدويرها، لا يكتسب المشاركون مثل إيمي المهارات فحسب، بل يكتسبون أيضًا سبيلا علاجيًا للتعبير عن أنفسهم والشفاء. وقالت إيمي متحمسة وهي تسلط الضوء على استدامة المهارات التي اكتسبتها: "لقد فوجئت حقًا بمدى بساطة صنع الحرف اليدوية. يمكنني بسهولة إعادة إنتاج هذا بمجرد عودتي إلى المنزل."
 

تفحص أخير للسلة المعاد تدويرها يدوياً. المصدر: المنظمة الدولية للهجرة 2023/ هاجر بوقرش

في قلب برنامج المنظمة الدولية للهجرة للمساعدة في العودة الطوعية وإعادة الإدماج في الجزائر، يعد التدريب الفني والمهني عنصرًا محوريًا في مساعدة العائدين طوعًا، وخاصة المهاجرات اللاتي يواجهن أوضاعًا هشة والأطفال المهاجرين غير المصحوبين و/أو المنفصلين عن ذويهم.

ويتجاوز البرنامج تنمية المهارات، حيث يستخدم الحرف اليدوية عن طريق المواد المعاد تدويرها كوسيلة للتمكين.
يتم تنفيذ هذه المبادرة باستمرار على مستوى مرافق الاستضافة المؤقتة، وهي جزء لا يتجزأ من برنامج كومباس COMPASS الذي تموله مملكة هولندا. وتمتد الأهداف إلى ما هو أبعد من المهارات الملموسة، لتشمل الحد من التوتر، وزيادة الوعي البيئي، وزيادة الشعور بقيمة الذات.

وقال المدرب المهني السابق لدى المنظمة الدولية للهجرة بالجزائر ومنسق مركز العبور: "من خلال هذه السلسلة من الأنشطة، كان هدفنا هو إنشاء مرحلة انتقالية توفر للمهاجرين الوقت والمساحة اللازمين للتعبير عن مشاعرهم، والتفكير في تجاربهم السابقة، وتجهيز أنفسهم للمستقبل."

وتقديراً لمشاركتهم ومهاراتهم الجديدة، تقدم المنظمة الدولية للهجرة في الجزائر شهادات مشاركة لجميع المهاجرين كدليل على تفانيهم ومثابرتهم. وأضاف منسق المركز: "بالنظر إلى المستقبل، نطمح إلى توسيع عروض التدريب المهني لدينا. وتمتد رؤيتنا إلى ما هو أبعد من الحاضر - نحو مستقبل تصبح فيه المهارات المنقولة محفزات لإعادة الإدماج المستدامة".
 

مهاجرات يصنعن فوط الحيض القابلة لإعادة الاستخدام. المصدر: المنظمة الدولية للهجرة 2023/هاجر بوقرش.

إيمي هي واحدة من أكثر من 1100 مهاجر دعمتهم المنظمة الدولية للهجرة في الجزائر منذ بداية عام 2023. وفي أغسطس الماضي، تم افتتاح مرفق استضافة مؤقت ثانٍ للعودة الطوعية، مخصص للنساء المهاجرات المستضعفات والأطفال المهاجرين غير المصحوبين و/أو المنفصلين عن ذويهم. يعزز هذا المرفق قدرة المركز الأول الذي يعمل منذ عام 2020، ويقدم المزيد من المساعدة المخصصة للمهاجرين المستضافين.

واستكمالاً لبرنامج التدريب الفني والمهني، توجد ورشة عمل حول صحة ونظافة المهاجرات، والتي توفر معلومات وتوصيات صحية أساسية مصممة خصيصًا للمهاجرات المتنقلات. تتناول ورشة العمل، التي أجرتها ممرضة تابعة للمنظمة الدولية للهجرة، الاحتياجات والاهتمامات الصحية المحددة للمهاجرات، مع التركيز على جوانب النظافة والصحة الإنجابية الجنسية للمهاجرات.

ومن خلال عرض تقديمي معلوماتي وجلسة تفاعلية حول صنع فوط الحيض القابلة لإعادة الاستخدام، يتم تزويد المهاجرات بالمعرفة والمهارات اللازمة للحفاظ على ممارسات الصحة والنظافة الجيدة أثناء رحلة هجرتهن. وتخلق ورشة العمل أيضًا مساحة آمنة للحوار المفتوح، مما يسمح للمهاجرات بالتعبير عن مخاوفهن وطلب التوجيه بشأن مسائل الصحة الجنسية والإنجابية.

ومع الدعم المستمر من الجهات المانحة والشركاء، يلتزم فريق المنظمة الدولية للهجرة في الجزائر بتوسيع هذه المبادرات التحويلية، وتمكين المزيد من العائدين طوعا مثل إيمي لصياغة مستقبل مستدام. فمن خلال نهج شامل يجمع بين التدريب المهني ودعم الصحة العقلية وورش العمل الصحية الأساسية، تمهد المنظمة الدولية للهجرة في الجزائر الطريق لهؤلاء النساء لاستعادة حياتهن وبناء سبل عيش مستدامة والازدهار في مجتمعاتهن.

*تم تغيير الاسم لحماية الهويات