أفراد أسرة علي يتحققون من مواد إعادة تأهيل المأوى التي تلقوها في مأرب. الصورة: إلهام العقبي/المنظمة الدولية للهجرة 2022 

مأرب - ذات يوم عندما كان الرعاة الصغار ناجي وإبراهيم وعبد الله يرعون أغنامهم في أحد جبال مدغل، وجد الفتية شيئاً معدنياً غريباً أثار فضلوهم. 

تقدم عبدالله وحاول تحريك الكتلة المعدنية محاولاً استكشافها. وعلى الرغم من تحذيرات أبناء عمومته بتركها ومواصلة سيرهم، أصر عبد الله على ضرب الكتلة للمرة الأخيرة. 

وفجأة، انفجر الجسم مما أدى إلى إصابة عبد الله إصابة بليغة أودت بحياته  مباشرة، كما أصيب ناجي وإبراهيم بجروح بالغة جراء إنفجار اللغم الأرضي. 

وأوضح ناجي: "كانت هناك اشتباكات عنيفة في ذلك اليوم، لذلك لم يلاحظ أحد صوت انفجار اللغم". 

ومنذ ذلك اليوم، لم تعد حياة المراهقين كما كانت. وخضع إبراهيم وناجي للعديد من العمليات ولزما المستشفى لشهر كامل. 

وللأسف، بُترت ساق إبراهيم اليمنى وتأثرت عيناه بشدة. كما فقد ناجي قدمه وأصيب بنزيف معوي داخلي حاد. 

علي مع ابنه المصاب إبراهيم خارج مأواهم الذي أعيد تأهيله حديثاً. الصورة: إلهام العقبي/المنظمة الدولية للهجرة 2022   

وكمؤشر مثير للقلق، يوجد أكثر من 10,000 طفل قُتلوا أو شُوهوا في حوادث مرتبطة بالصراع منذ بدء الحرب في اليمن، وفقاً لصندوق الأطفال التابع للأمم المتحدة. 

وعندما اقتربت الاشتباكات من مدغل في العام الماضي، أجبرت أسرتيّ إبراهيم وناجي على الفرار إلى مدينة مأرب. 

وتقدر مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة أن 78,500 شخص قد نزحوا بسبب الصراع في مأرب العام الماضي، وخاصة في وقت لاحق من العام عندما احتدم الاقتتال واشتدت وتيرته. 

يقول علي ذو الثامنة والخمسين، وهو والد إبراهيم: "لقد رفضنا مغادرة منزلنا لمدة ست سنوات، على أمل أن تنتهي الحرب، ولكن القتال ازداد ضراوة. فقد شهدنا العديد من الأرواح تُزهق بسبب هذه الحرب، لذا قررنا المغادرة".  

إبراهيم يجلس في مأوى أسرته الذي أعيد تأهيله حديثاً. الصورة: إلهام العقبي / المنظمة الدولية للهجرة 2022 

استقرت العائلة في مخيم سائلة الميل الواقع بالقرب من مدينة مأرب. 

وكان بناء مأوىً للعائلة هو الشغل الشاغل لعلي عند وصوله. 

قام علي بإحضار إبراهيم وأطفاله الستة الآخرين، و11 حفيداً ، مع والده وأُسر إخوانه، إلى موقع نزوح بالقرب من مدينة مأرب. 

وقال علي مضيفاً: "كنا نملك أراضٍ نزرع فيها الخضار والقمح. وكانت لدينا قطعان من الماشية والأغنام والأبقار والجمال. لقد اعتدنا أن نعطي المحتاجين ولم نكن بحاجة أبداً إلى طلب أي شيء من أي شخص".  

عندما قررت العائلة الكبيرة المغادرة، قاموا أولاً بنقل النساء والأطفال إلى مأرب. وتبعهم الرجال في اليوم التالي. 

وأوضح علي: "لقد بنيت مأوى من الخشب والبلاستيك والأقمشة التي لم تتحمل حرارة الشمس لأكثر من ستة أشهر وسط المناخ الرملي والعاصف". 

تعمل المنظمة الدولية للهجرة في مأرب جنباً إلى جنب مع الأسر النازحة لمساعدتهم على إعادة تأهيل أو تحسين المآوي البالية. 

يقوم فريق المأوى التابع للمنظمة الدولية للهجرة بتقييم المآوي المتضررة، كما يقيم نقاشات جماعية مكثفة مع المستفيدين لتحديد المواد التي يحتاجون إليها لتحسين مآويهم. 

أحد موظفي المنظمة الدولية للهجرة يساعد نازحاً في تحميل مواد المساعدة الخاصة بالمأوى. الصورة: إلهام العقبي / المنظمة الدولية للهجرة 2022 

يتم دعم الأسر في موقع سائلة الميل من خلال تزويدها بلفائف العزل الحراري والأغطية البلاستيكية وحقائب أدوات الصيانة لمساعدتها في ترميم وإصلاح مآويها. 

ولقد كانت عائلة علي واحدة من مئات العائلات التي تلقت مواد تحسين المأوى في شهر أبريل. 

عمل أفراد الأسرة معاً لتركيب المواد العازلة للحرارة فوق الجدران الداخلية للمأوى والأسقف وذلك لتخفيف شدة الحرارة والبرودة. كما قاموا بوضع الأغطية البلاستيكية على السطح لتغطية الأسطح والجدران الخارجية لحماية المأوى من المطر. 

علي مع طفله الأصغر، مبروك، يتفحص حقيبة  أدوات الصيانة التي تسلمها من المنظمة الدولية للهجرة في مأرب. الصورة: إلهام العقبي / المنظمة الدولية للهجرة، 2022 

يمكن لحقائب أدوات الصيانة أيضاً أن تساعد الأسر  في إجراء إصلاحات وتحسينات سريعة لأي ضرر في المآوي. 

وأضاف علي: "إننا نعاني باستمرار لتلبية احتياجاتنا الأساسية الأخرى مثل الأدوية والغذاء. لذا لا يمكننا شراء أو استبدال المواد اللازمة للحفاظ على مآوينا". 

وأردف قائلاً: "الحصول على مأوى آمن هو أحد أهم الاحتياجات في الحياة. ويضمن أمن وسلامة الأسرة. إنه خط الحماية الأول من المناخ القاسي والمرض والوباء. وهو ضروري أيضاً للحفاظ على كرامتنا وإنسانيتنا." وعبر عن امتنانه لحصول إبراهيم وناجي على مكان أكثر أماناً وراحة. 

علي يقوم بالتأكد من سلامة مأوى أسرته الذي أعيد تأهيله حديثاً في مأرب. الصورة: إلهام العقبي / المنظمة الدولية للهجرة 2022  

تقدر الأمم المتحدة أن 7.4 مليون شخص في جميع أنحاء اليمن يحتاجون إلى دعم المأوى، بزيادة 34٪ مقارنة بعام 2021. 

ومنذ بداية العام، ساهم برنامج إعادة تأهيل المأوى التابع للمنظمة الدولية للهجرة، والذي يموله مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، إلى تحسين الظروف المعيشية لأكثر من 2,500 أسرة في 11 موقعاً في مأرب. 

 

بقلم إلهام العُقبي ومنة الله حُميد، مساعدتا الإعلام والتواصل في المنظمة الدولية للهجرة