مأرب – في أواخر العام الماضي، تسببت الاشتباكات المسلحة في مأرب بإغلاق أبواب العديد من المدارس وفرار آلاف الأسر بحثاً عن الأمان في مختلف أنحاء مأرب المتضررة من الصراع . كان حمزة عبد الرحمن، البالغ من العمر ثمانية عشر عاماً، واحداً من العديد من الطلاب الذين اضطروا إلى تعليق تعليمهم عندما تصاعد الصراع. 

وأوضح حمزة وهو يتذكر كيف شعر عندما اضطرت مدرسته في حريب إلى الإغلاق: "فرقتنا الحرب واضطررنا للتوقف عن الدراسة. كنا نشعر أننا تائهون." 

كان والد حمزة مصمماً على إيجاد طريقة ليأخذ أطفاله إلى مكان أكثر أماناً حيث يمكنهم العودة إلى المدرسة. استقروا في مدينة مأرب وبحث في كل مكان عن مدرسة تستقبل الطلاب الجدد. 

كانت العديد من المدارس في المنطقة قد لحقها التلف في مبانيها، فالمراحيض وأنظمة الصرف الصحي متضررة، والفصول الدراسية مكتظة بالعديد من الطلاب الذين يجلسون على الأرض أثناء الحصص الدراسية. 

وعلاوة على ذلك، أدت المنافسة على المقاعد المحدودة في الفصول الدراسية إلى تفاقم التوتر بين المجتمعات المستضيفة والمجتمعات النازحة. 

عندما سمع والد حمزة عن مدرسة تم تشييدها حديثاً، شعر بسعادة غامرة لأنه أخيراً سيجد مدرسة مناسبة لابنه حمزة. 

أدى التدفق المستمر للنازحين في مأرب إلى زيادة الضغط على مرافق البنية التحتية الهشة والضعيفة مسبقاً كالمستشفيات والمدارس، ناهيك عن تعرض حوالي 3000 مدرسة في اليمن للضرر أو الدمار أو الاستخدام لأغراض غير تعليمية. 

حمزة، طالب في مدرسة الجيل بمأرب، يتحدث عن تجربته كنازح جراء الصراع. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، 2022م

وقال حمزة: "كان من الصعب علينا أن نتغيب عاماً دراسياً كاملاً، خاصة في هذا العمر الذي نتطلع فيه إلى إنهاء دراستنا بدرجات جيدة للتخطيط لمستقبلنا." 

وأضاف: "يجب أن نواصل دراستنا، فلن نحقق شيئاً بدون التعليم." 

ووفقاً لصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، فإن ثلثي المدارس في اليمن فقط تعمل بكامل طاقتها التشغيلية. وهناك أكثر من 2.4 مليون طفل يمني خارج المدرسة، وملايين الآخرين، لا سيما الفتيات الصغيرات، معرضون لخطر فقدان فرص التعليم. 

السلطات وفريق المنظمة الدولية للهجرة يفتتحون مدرسة الجيل في مأرب. الصورة: إلهام العقبي/المنظمة الدولية للهجرة، 2022م

وفي عام 2021م، افتتحت المنظمة الدولية للهجرة ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مدرسة جديدة لتستقبل الآن آلاف الطلاب المتأثرين من الصراع. 

بعد عامين من أعمال البناء، أصبحت مدرسة الجيل الآن تعمل بكامل طاقتها، وتقع على الشارع المقابل من موقع الجفينة، أكبر موقع نزوح في اليمن والذي يضم 10,000 أسرة من مختلف المحافظات اليمنية. 

وعلق حمزة عن انتقاله إلى مدرسته الجديدة قائلاً: "واجهت الكثير من الصعوبات في البداية. كنت أفتقد أصدقائي ومدرستي القديمة، ولكن من خلال دعم والديّ، بدأت أحب مدرستي الجديدة وكونت صداقات جديدة هنا." 

وأضاف "أنا معجب أيضاً بالمعلمين لاستمرارهم في عملهم الرائع على الرغم من الصعوبات التي يواجهونها." 

حمزة يدرس الآن في السنة الثانية من المرحلة الثانوية في مدرسة الجيل. 

طلاب يلعبون في ساحة مدرسة الجيل. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، 2022م

تبلغ مساحة المدرسة 14,000 متر مربع وتتألف من 18 فصلاً دراسياً بالإضافة إلى معملين للفيزياء والكيمياء ومعمل حاسوب وعدة مكاتب للمعلمين والإداريين. 

كما أن المدرسة مجهزة بكافيتريا ونظام مياه وصرف صحي بالإضافة إلى ساحة لعب وملعب كرة طائرة. وما تزال هناك أرض إضافية محاطة بسور  يمكن استخدامها لتوسيع المدرسة في المستقبل. 

طلاب يدرسون في إحدى الفصول الدراسية في مدرسة الجيل المبنية حديثاً. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، 2022م

وكما هو الحال مع عبد الرحمن، كان أمين يبحث أيضاً عن مدرسة أقل ازدحاماً لأطفاله. 

قال أمين، المقيم في الجفينة مع أطفاله الأربعة: "المهمة ليست سهلة لأن هناك عدداً محدوداً من المدارس في هذه المدينة، ومعظمها مكتظ بأكثر من 120 طالباً في الفصل الواحد." 

"يتعين على الطلاب أيضاً استخدام وسائل النقل العام والمشي عبر المدينة المزدحمة بمفردهم لمسافة طويلة للذهاب إلى المدرسة مما يعرضهم للخطر." 

وتَمَكَّن أمين من إلحاق أحد أبنائه بمدرسة الجيل. 

وأضاف: "الأمر هنا أفضل بكثير. هذه المدرسة في منطقة مركزية وآمنة، ومستوى التعليم هنا ممتاز." 

عامل بناء يضع اللمسات الأخيرة على أعمال الديكور اليمني التقليدي في مدرسة الجيل. الصورة: إلهام العقبي/المنظمة الدولية للهجرة، 2022م

تم تصميم المدرسة الممولة من مركز الملك سلمان باستخدام الأحجار والديكور اليمني التقليدي مع الالتزام بالمعايير الدولية الحديثة للبناء. 

وقال عبد الله أحمد، المساعد الفني في المنظمة الدولية للهجرة: "كان لهذا التدخل أثر كبير على المجتمع لأنه يخفف العديد من التوترات التي كانت تنشأ بين النازحين والمجتمعات المستضيفة بسبب الحاجة المتزايدة للمدارس في المنطقة." 

وتستضيف المدرسة المجهزة أكثر من 2500 طالب في المرحلتين الأساسية والثانوية من الأطفال المتضررين من الصراع – بما في ذلك سكان الجفينة وسكان الجزء الغربي من مدينة مأرب. 

فاطمة، معلمة في مدرسة الجيل، تعطي درساً للطلاب. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، 2022م

فاطمة هي واحدة من 40 معلماً وإدارياً في مدرسة الجيل، وتقوم بتدريس اللغة العربية. 

وأوضحت فاطمة: "في الماضي، لم تكن هناك مدارس في هذه المنطقة. عندما تم افتتاح هذه المدرسة، انخفض الاكتظاظ في المدارس الأخرى". 

وأضافت مشيرة إلى الأثر الكبير الذي أحدثته المدرسة على الطلاب الذين يعيشون في الجفينة: "تمكن العديد من الأطفال الذين كانوا خارج المدرسة في موقع النزوح من العودة إلى الدراسة. يأتي الطلاب إلينا مفعمون بالأمل والحماس." 

طالب يبدأ يومه الدراسي الجديد في مدرسة الجيل. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، 2022م

التعليم حق أساسي من حقوق الإنسان لجميع الأطفال، ويلعب دوراً محورياً في تغيير مستقبل المجتمعات والمساهمة في التعافي المستدام من الأزمات. 

تعطي المدارس الأمل للأطفال لغد أفضل وتُعِدُّهم لتحديات المستقبل. 

قال أحمد، مدير مدرسة الجيل في مأرب: "يأتي معظم الطلاب إلى هنا لأنهم لا يستطيعون الدراسة في المخيمات التي نزحوا إليها. فهم يبحثون عن مدرسة أكثر أماناً توفر لهم بيئة تعليمية جيدة". 

طلاب يمشون إلى مدرسة الجيل. الصورة: المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، 2022م

مدرسة الجيل هي واحدة من بين 15 مدرسة تم بناؤها وإعادة تأهليها في أربع محافظات يمنية في إطار الشراكة بين المنظمة الدولية للهجرة ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وذلك لمنح الأطفال مستقبلاً أكثر إشراقاً.

 

إلهام العقبي و منةالله حُميد – مساعدا التواصل في منظمة الدولية للهجرة في اليمن