نينوى، العراق - خلال الصراع مع داعش، نزحت آلاف العوائل من محافظة نينوى العراقية،وفقد العديد منهم وثائق رسمية مهمة -كشهادات الولادة والزواج والجنسية - ونتيجة لذلك، ما زالوا يواجهون صعوبات في الوصول إلى الخدمات الأساسية.

بالنسبة للأطفال الذين ليس لديهم شهادات ولادة، فإن هذه الحقيقة التي يعيشونها معقدة، حيث يتعين عليهم الخضوع لعملية تحديد العمر قبل تأمين وثائقهم. يعد تأمين شهادة الولادة ثم الهوية الوطنية شرط أساسي لتسجيل الأطفال في المدارس، وفي نينوى، فإن هذا ليس بالأمر السهل.

قال السيد هيثم أحمد ياسين، رئيس مديرية صحة نينوى، وحدة الصحة في الموصل: "بدون الوثائق الرسمية لا يوجد دليل على أن هؤلاء الاطفال هم مواطنون عراقيون. لن يتمكن الأطفال من التسجيل في المدارس، ولا الكبار من العمل أو عبور نقاط التفتيش - لا يمكنهم حتى استلام البطاقة الوطنية الموحدة. ان مساعدة الناس على معرفة عمرهم الحقيقي هو من حقهم".

حتى وقت قريب، كانت هناك لجنة طبية واحدة فقط في نينوى تقوم بإجراء تقييمات تحديد العمر لدعم إصدار الوثائق المدنية والهويات للأطفال، حيث توجد هذه اللجنة في الموصل، الا ان العوائل التي تعيش في أماكن أخرى في المحافظة تواجه مشاكل في التنقل لمسافات بعيدة وتتحمل تكاليف باهظة في المحاولة للوصول إلى اللجنة الطبية, كما يواجه البعض قيودًا على التنقل تمنعهم من الوصول إلى اللجنة بشكل كامل. نتيجة لذلك، يبقى أطفالهم محرومين من التعليم والخدمات العامة الأخرى.

تقول هديل، وهي نازحة من سنجار في لمحافظة نينوى: "بدون شهادة الولادة، واجهت ابنتي العديد من المشاكل."

فبدون شهادة ولادة، لم تتمكن ابنة هديل من الحصول على الهوية العراقية وبالتالي لم تتمكن من الالتحاق بالمدرسة.

تكمل هديل قائلة: "أدى افتقار ابنتي إلى الهوية العراقية إلى تقييد حركة تنقلها بين المناطق أيضًا – لقد واجهنا الكثير من الأسئلة عند نقاط التفتيش. كنت قلقة جدًا على مستقبلها".

حصلت المنظمة الدولية للهجرة على موافقة خطية من وزارة الصحة العراقية ومديرية صحة نينوى في إنجاز حديث تم تحقيقه من خلال جهود المناصرة القوية لتشكيل ثلاث لجان طبية في المستشفيات في مديريات سنجار وتلعفر والبعاج في نينوى لزيادة مدى كفاءة إصدار الوثائق الرسمية للأطفال. يعد هذا إنجازًا كبيرًا للحالات المشابهة لهديل والأفراد الذين يعيشون خارج الموصل حيث سيتمكنون الآن من الوصول بشكل أفضل إلى هذه الخطوة الإجرائية الأساسية. وهذا بدوره سيفتح الأبواب أمام أطفالهم للوصول إلى التعليم العام والرعاية الصحية وللمزيد من الخدمات.

توضح هديل قائلةً: "أن وجود لجنة طبية في سنجار بدلاً من الموصل [فقط] ساعدنا كثيرًا، إنها أقرب إلى المكان الذي نعيش فيه ووفرت علينا نفقات المواصلات."

يبعد مكان سكن هديل وعائلتها عدة ساعات عن الموصل، في مخيم سردشتي للنازحين في سنجار. وتكمل هديل: "إن [العاملين في اللجنة الطبية في سنجار] يتحدثون لغتنا. مما جعل الأمور أسهل بالنسبة لنا لأننا لا نعرف كيف نتحدث اللغة العربية. وهذا سيساعد العوائل الأخرى التي لديها حالات مماثلة لحالة ابنتي في المستقبل."

بدعم من الفريق القانوني للمنظمة الدولية للهجرة، تمكنت هديل من إكمال عملية تحديد العمر وتأمين الوثائق المدنية لابنتها.

وتخبرنا قائلةَ: "تم تحديد عمر طفلتي من خلال الأشعة السينية وغيرها من التمارين التي تقوم بها اللجنة الطبية. كما طرحوا علينا أسئلة للتأكد من أنها تعود لنا. بعد الحصول على إثبات النسب من خلال عملية تحديد العمر، أصبح من الممكن لابنتي الحصول على هوية الاحوال المدنية وجميع المستندات الأخرى. وأصبحت مؤهلة للتسجيل في المدرسة مثل بقية الأطفال وتلقي الخدمات الصحية وغيرها من الخدمات التي تتطلب أوراق ثبوتية. لقد وفرت لنا [اللجنة الجديدة] الوقت والجهد وتكاليف النقل ".

يقول رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في العراق، السيد جيورجي جيغاوري: " لقد كسرنا حلقة السياسة القديمة وأزلنا المشكلة. فهؤلاء الأطفال وعوائلهم كانوا بحاجة منذ فترة طويلة لعبور الحواجز للوصول إلى لجان تحديد العمر التي تسهل إصدار شهادات الولادة وبدورها بطاقات هوية الاحوال المدنية - لكن بطاقات الهوية بدورها مطلوبة لعبور نقاط التفتيش. ويساعد افتتاح ثلاث لجان جديدة في نينوى على معالجة هذا الحاجز، وتوسيع الوصول إلى هذه العمليات وتقريب العراق خطوة واحدة من تحقيق التزاماته بموجب الاتفاق العالمي للهجرة للعمل بحقوق الإنسان وحماية السكان المتنقلين، والأطفال على وجه الخصوص .".

لا تعمل المنظمة الدولية للهجرة على زيادة عدد مراكز الوصول إلى الوثائق المدنية المتاحة لهذه العوائل فحسب، بل تعمل أيضًا على التأكد من أن القائمين على عمل مراكز الوصول هذه مجهزون تقنيًا للقيام بذلك. كما عقدت المنظمة الدولية للهجرة تدريبًا للأطباء من مستشفيات في مناطق سنجار وتلعفر والبعاج في تحديد العمر من خلال تقنية الأشعة السينية للأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين حديثي الولادة إلى 60 عامًا، بقيادة خبراء في مجال الطب الشرعي. كما انخرط المشاركون في نقاش حول الأبعاد الطبية والقانونية لعملية تحديد العمر، كما وتطرق التدريب إلى مواضيع مثل إثبات النسب ودور المحاكم.

 

يواصل البرنامج القانوني للمنظمة الدولية للهجرة العمل في خدمة الحق في التوثيق المدني في جميع أنحاء البلاد.

 

أصبح بالإمكان تحقيق هذه الجهود بدعم من حكومة أستراليا.